26 - 06 - 2024

رؤية خاصة | قلوب نسيت الرحمة

رؤية خاصة | قلوب نسيت الرحمة

(أرشيف المشهد)

  • 25-1-2016 | 23:17

السياسة ليست القيادات والحكومات ..السياسة ليست البرلمانات والاجتماعات.. ولا هي المداولات والمباحثات ولا هي القوانين والاتفاقات ولا الأرقام البليونية والميزانيات. السياسة ليست كل هذا وحسب. السياسة يا سادة هي حياة الإنسان اليومية، هي رغيف خبزه ومقعده في المواصلات ومكانه في المدرسة  والثوب الذي يستره. هي فاتورة الكهرباء ووصلة المياه وأنبوبة الغاز. هي كل ذلك وقبل كل ذلك هي قرص الدواء للمريض وخاصة إذا كان المريض طفلاً لا حول له ولا قوة؛ فقد يصبر الكبير على ألم المرض ويكتم صرخة وجعه ولكنه أبداً لا يصبر على ألم صغيره وصرخات وجعه.

الطفل إياد  الذي تداولت بعض الصحف صورته منذ أيام هو دليل حي على ما أقول؛ طفل صغير الرأس نحيل الأطراف دامع العينين ضامر الصدر لكن أسفل الرأس الصغير والصدر الضامر كتلة منتفخة هائلة الحجم يفترض أنها بطن ذلك المسكين الذي لا يتجاوز عمره ثلاثة أعوام وإن كان الألم الذي ينطق به وجهه وتدمع له عيناه لا عمر له. هذا الملاك الصغير يعاني من تضخم بالكبد والطحال انتفخ له بطنه حتى ظهرت عروقه وكاد ينفجر. علائم المرض أوضح من أن تخفى على أي كائن ذي عينين فمابالنا حين يكون هذا الكائن بشر ويكون تخصصه الطب ويكون موقعه هو إعطاء الرأي في أحقية المريض بالعلاج على نفقة الدولة؟

يقول الوالدان البائسان- الذين أوقن أن  آلامهم تفوق عشرات المرات آلام المسكين الصغير- أنهم أعيتهم الحيل لمعالجته وبالطبع لأنهم فقراء ضعفاء يستحقون العلاج على نفقة الدولة فهم آخر من تدركهم رحمة الدولة!

لا أدري أي ضمير يملكه من رأوْا حالة الطفل إياد وسمح لهم- ذاك المسمى ضميرهم- بإرجاء علاجه دقيقة واحدة؟!

تقول إحدى المسؤولات التي عرضت عليها الحالة "سننظر وإذا ثبت أنه يستحق العلاج على نفقة الدولة فسيصير له قرار! هل رأت هذه التي ستنظر هيئة الطفل وحجم بطنه المتضخم ودموعه من شدة الألم؟!!

تطلب الأمر الوصول إلى الصحف لتشفع للمسكين وأهله عند مسؤولين لا رحمة ولا مسؤولية تحركهم من تلقاء أنفسهم. ولكن حتى عندما تحركوا مرغمين سوفوا وأجلوا ولم يرحموا صرخات الصغير المعذبة ولا عذابات والديه الصامتة. لماذا؟ لأن موظفيهم من أتباع نفس مدرسة الضمير الغائب سجلوا اسم إياد بخطأ تافه في حجمه هائل في أثره فتحول إياد إلى عياد وتحول حلم العلاج إلى سراب معلق على تصحيح الاسم!!

لو كنت من أي مسؤول وقعت عيناه على هذه الحالة بتفاصيلها الأليمة ووقائعها المفجعة لأنزلت أشد العقاب بكل من تسبب بقسوته أو لا مبالاته أو إهماله في تأجيل معالجة إياد وإطالة أمد عذابه.

تباً لسياسة لا تتحرك لمنع معاناة الناس ولمسؤولين لا ضمائر لهم وقلوب نسيت الرحمة.

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان